تُباع المشغولات الذهبية بأنواع مختلفة من حيث عيار الذهب (درجة النقاوة)، مما يجعل الكثيرين يتساءلون عن الفروقات بين هذه العيارات مثل 24 و21 و18 قيراط وغيرها.
في هذا المقال سنوضح معنى عيار الذهب، ونستعرض أشهر عيارات الذهب والاختلاف بينها من حيث نسبة الذهب الخالص والصلابة واللون والسعر، بالإضافة إلى نصائح لاختيار العيار المناسب حسب الاستخدام والاستثمار. هدفنا تقديم دليل شامل يساعدك على فهم عيارات الذهب المختلفة واختيار الأنسب لك.
ما المقصود بعيار الذهب؟
عيار الذهب هو مقياس لدرجة نقاء الذهب في قطعة ما مقارنة بالمعادن الأخرى المخلوطة معه. يقاس العيار بوحدة “القيراط” حيث يمثل 24 قيراطاً الذهب النقي بنسبة 100% تقريبًا.
وكلما انخفض الرقم (مثل 21 أو 18) فهذا يدل على نسبة أقل من الذهب الخالص في السبيكة مقابل نسبة أعلى من معادن إضافية (مثل النحاس أو الفضة أو الزنك). على سبيل المثال، الذهب عيار 18 يحتوي على 75% من الذهب الخالص والباقي معادن أخرى.
يتم عادة دمغ كل قطعة ذهب برقم العيار لضمان معرفة درجة نقاوتها. فمثلاً عند شراء خاتم مكتوب عليه (21) فهذا يعني أنه ذهب بنسبة 87.5% والباقي شوائب ومعادن مضافة.
أشهر عيارات الذهب ومكونات كل منها
توجد عيارات ذهب متعددة تتراوح نظريًا من 1 قيراط حتى 24 قيراط، لكن العيارات الشائعة في الأسواق هي العيارات الرئيسية التالية:
- ذهب عيار 24 (99.9% ذهب نقي): أعلى درجات النقاوة؛ يحتوي على ما يقرب من 100% ذهب. يتميز بلونه الأصفر اللامع الطبيعي. ذهب 24 قيراط ناعم جدًا وقابل للخدش والثني بسهولة، لذا يُستخدم عادة في السبائك والليرات الذهبية للاستثمار أو للزينة المحدودة وليس في المجوهرات التي تلبس يوميًا. سعره الأغلى نظرًا لنقاوته العالية.
- ذهب عيار 22 (حوالي 92% ذهب): يحتوي على نحو 91.6% ذهب خالص والباقي معادن أخرى. هذا المزيج يمنحه متانة أعلى قليلاً من عيار 24 مع الحفاظ على لون أصفر غني. يُستخدم عيار 22 في بعض أنواع المجوهرات الفاخرة والعملات الذهبية (مثل الجنيه الذهب)، خاصة في بلدان كالهند والشرق الأوسط.
- ذهب عيار 21 (87.5% ذهب): من أكثر العيارات شيوعًا في سوق الذهب بالشرق الأوسط. يحتوي على 87.5% ذهب والباقي نحاس ومعادن أخرى. يجمع بين مقدار عالٍ من الذهب الخالص مع صلابة أفضل من العيارات الأعلى، مما يجعله مناسبًا لمعظم قطع المجوهرات التقليدية. يتميز بلون أصفر لامع لكنه أقل لمعانًا قليلًا من عيار 24.
- ذهب عيار 18 (75% ذهب): يحتوي على 75% ذهب خالص و25% معادن أخرى (مثل نحاس أو فضة). هذا العيار شائع جدًا عالميًا لأنه يوفر توازنًا بين الجمال والمتانة. تكون المجوهرات عيار 18 أقوى وأقل عرضة للخدش من العيارات الأعلى بسبب نسبة المعادن الإضافية. لون الذهب عيار 18 أصفر ولكن أقل إشراقًا من 21 و24، ويمكن تشكيله بألوان متنوعة (كالذهب الأبيض والوردي) بإضافة معادن مختلفة. سعره أرخص من 21 و24 مما يجعله خيارًا اقتصاديًا جيدًا.
- ذهب عيار 14 (58.5% ذهب): تبلغ نسبة الذهب فيه حوالي 58-59% والباقي معادن أخرى. هو أقل نقاوة لكنه أكثر صلابة ومتانة، لذا يُستخدم في بعض المجوهرات مثل السلاسل والأقراط التي تتطلب متانة أكبر. لون ذهب 14 قيراط يكون أصفر مائل قليلًا إلى البهتان بسبب نسبة النحاس والفضة الأعلى، ويمكن إعطاؤه لونًا ورديًا قويًا بزيادة نسبة النحاس. يتميز هذا العيار بسعره المعقول ويتيح لشريحة أكبر امتلاك ذهب بأسعار مناسبة.
- ذهب عيار 12 (50% ذهب): يحتوي على نصفه ذهب ونصفه الآخر معادن خليط (50% ذهب تقريبًا). نادر الاستخدام حاليًا في صناعة المجوهرات الراقية نظرًا لانخفاض نقاوته، لكنه قد يتوفر في بعض القطع القديمة أو الاستخدامات الصناعية. يتميز بمتانة عالية جدًا ولكنه أقل قيمة نظرًا لانخفاض نسبة الذهب.
- ذهب عيار 9 أو 10 (~37.5% – 41.7% ذهب): هذه العيارات منخفضة جدًا في نسبة الذهب الخالص. عيار 9 قيراط يحوي حوالي 37.5% ذهب فقط، وعيار 10 قيراط حوالي 41.7%. تكون المشغولات بهذه العيارات شديدة الصلابة نظرًا لغلبة المعادن الأخرى في تركيبها، وقد استُخدمت تاريخيًا لأغراض تتطلب تحملًا عاليًا أو ترصيعًا بالأحجار الكريمة. لكنها الأقل قيمة ماديًا بين العيارات الشائعة ونادرة في أسواق الذهب للزينة.
الفرق في الخصائص بين عيارات الذهب
الاختلاف الأساسي بين عيارات الذهب هو نسبة الذهب النقي في السبيكة، وهذا يؤثر على عدة خصائص مهمة:
درجة النقاوة مقابل الصلابة: كلما ارتفعت نسبة الذهب الخالص (كما في عيار 24) أصبح المعدن أكثر ليونة وأقل صلابة، مما يجعله سهل الخدش والانحناء. لذا الذهب عالي العيار لا يلائم المجوهرات اليومية كثيرًا.
في المقابل، انخفاض نسبة الذهب (كما في عيار 18 أو 14) وزيادة نسبة المعادن الأخرى يكسب السبيكة صلابة ومتانة أعلى، فتصبح أكثر تحملًا للاستخدام اليومي دون أن تتلف أو تخدش بسهولة. لهذا نرى أن الخواتم والأساور المخصصة للاستعمال الدائم تُصنع عادة من ذهب 18 أو 14 قيراط وليس 24.
اللون والمظهر: نقاوة الذهب تؤثر أيضًا على لونه. الذهب الخالص (24 قيراط) لونه أصفر غني وفريد هو اللون الطبيعي للذهب. تقليل النقاوة بإضافة معادن أخرى يمكن أن يغيّر درجة اللون. فمثلًا الذهب عيار 21 و18 له لون أصفر لكنه أقل إشراقًا من عيار 24.
مع خلط معادن مختلفة يمكن الحصول على ألوان متباينة؛ الذهب الأبيض ينتج من خلط الذهب مع معادن مثل النيكل أو البلاديوم، والذهب الوردي ينتج من خلطه مع نسبة عالية من النحاس. عمومًا كلما قلّت نسبة الذهب الخالص أصبح لون السبيكة أقل اصفرارًا وأكثر بهتانًا، لأن المعادن الأخرى تخفف من وهج لون الذهب الأصلي.
القيمة السعرية: ترتبط قيمة الذهب بشكل مباشر بنسبة نقاوته؛ فالمجوهرات ذات العيار الأعلى (ذهب أكثر نقاءً) تكون أعلى سعرًا من نفس الوزن من العيار الأدنى. والسبب أن كمية الذهب الخالص في القطعة أكبر. على سبيل المثال، أونصة ذهب عيار 24 أغلى بكثير من أونصة بالوزن نفسه من ذهب عيار 18.
مع ذلك، قد يفضل البعض العيارات الأقل في بعض الأحيان ليس فقط لسعرها الأرخص، بل أيضًا لمتانتها الأكبر كما ذكرنا. إذن هناك دوماً موازنة بين النقاوة والتكلفة والمتانة عند اختيار عيار الذهب.
لماذا لا يُستخدم الذهب النقي (24) في كل المجوهرات؟
قد يتساءل البعض: إذا كان الذهب الخالص أكثر قيمة ولمعانًا، فلماذا لا تُصنع كل المجوهرات من عيار 24؟ الإجابة تتعلق بالخواص العملية للذهب. الذهب النقي (24 قيراط) معدن طري جدًا، لين للغاية لدرجة أنه قد يتشكل أو ينثني مع الاستخدام المتكرر.
على سبيل المثال، خاتم زواج من عيار 24 قد يتعرض للخدش أو يفقد استدارته بسرعة عند ارتدائه يوميًا. لذلك يقوم الصاغة بخلط الذهب بمعادن أخرى أقسى (مثل النحاس والفضة والنيكل) لزيادة صلابة السبيكة وتحسين قدرتها على تحمل الاستعمال اليومي.
هذا هو السبب في انتشار عيارات مثل 18 و21 في الحُلي بدلاً من 24. كما أن خلط المعادن بالذهب يمكن من تنويع ألوان المجوهرات كما ذكرنا، ويخفض التكلفة بحيث تصبح المجوهرات في متناول شريحة أكبر من الناس.
باختصار، عيارات الذهب المتعددة ضرورة فنية وتسويقية تضمن أن يكون هناك توازن بين نقاء الذهب وجماله وبين صلابة المجوهرات وسعرها المناسب لمختلف الميزانيات.
كيفية اختيار عيار الذهب المناسب للشراء
اختيار العيار المناسب يعتمد على الغرض من شراء الذهب وطبيعة استخدامه:
للاستخدام اليومي والقطع العملية: يُفضل اختيار عيارات متوسطة إلى منخفضة مثل عيار 18 أو 14. هذه العيارات تقدم توازنًا ممتازًا بين المظهر الجميل والمتانة.
فمثلًا خاتم الزواج أو السوار اليومي سيكون أفضل من ذهب 18 قيراط على الأقل حتى لا يتعرض للكسر أو الخدش بسهولة، حيث تكون السبيكة أكثر صلابة. ذهب 14 أيضًا خيار جيد لمن يرغب في سعر أقل ومتانة أعلى وإن كان لونه أقل نصاعة من العيارات الأعلى.
للهدايا والمناسبات الخاصة: إذا كنت تشتري قطعة ذهبية للإهداء في مناسبة مميزة أو ترتديها في مناسبات معينة وليس طوال الوقت، فقد تكون العيارات الأعلى مثل 22 أو 21 قيراط مناسبة. فهي تعكس قيمة أعلى وبريقًا أشد اصفرارًا مما يبرز فخامة الهدية. كثيرون يفضلون شبكات الخطوبة مثلاً من عيار 21 في بعض البلدان لأنه العيار التقليدي الفاخر.
للادخار والاستثمار: في حال كان الهدف من شراء الذهب هو الاستثمار طويل الأجل وحفظ القيمة، فإن الأفضل عادة هو شراء سبائك أو عملات من ذهب عيار 24 قيراط.
الذهب الخالص يضمن أعلى قيمة عند إعادة البيع، وهو المقبول عالميًا في التداول والاستثمار. يمكن أيضًا شراء جنيهات ذهبية أو سبائك صغيرة بعيار 22 أو 24 لهذا الغرض. المهم التأكد من نقاء العيار والشهادة المرفقة للسبائك لضمان قابليتها للبيع مستقبلاً.
إضافة لذلك، حدد ميزانيتك فإذا كانت محدودة يمكنك الاتجاه إلى عيار 18 أو حتى 14 للحصول على قطعة أكبر أو تصميم أفخم بنفس الميزانية مقارنة بعيار أعلى. وبالعكس إذا كانت القيمة المعنوية والمادية تهمك أكثر من الحجم، فاتجه للعيار الأعلى.
افحص دمغة العيار دائمًا على القطعة للتأكد من صحتها، واشتري من متجر موثوق. بهذه الطريقة تضمن الحصول على ما يناسب احتياجاتك من الذهب بأفضل قيمة مقابل السعر.
العيارات الشائعة في سوق الذهب المصري
يرتبط تفضيل عيار الذهب بالعادات والتقاليد في كل بلد. في مصر مثلًا، يُعد عيار 21 هو العيار الذهبي القياسي والأكثر تداولًا في شراء الحُلي والمجوهرات. يفضل المصريون عيار 21 لأنه يجمع بين نقاوة مرتفعة وجودة ملموسة، وقد اعتادوا على قيمته عند إعادة البيع.
يأتي بعده عيار 18 في الانتشار؛ حيث ظهرت في السنوات الأخيرة تصميمات عصرية كثيرة من ذهب 18 تناسب الأذواق الحديثة والشبابية، كما أن بعض المجوهرات المستوردة تكون بهذا العيار.
أما عيار 24 فهو نادر الاستخدام في الزينة بمصر، ويقتصر غالبًا على السبائك والجنيهات الذهبية للإدخار والاستثمار، أو المشغولات المستوردة من دول تفضل هذا العيار (مثل دول الخليج).
عيار 22 قيراط ليس شائعًا جدًا في مصر للمجوهرات، لكنه يُستخدم في الجنيهات الذهبية البريطانية (جنيه الملك جورج وغيرها) التي تصنع من ذهب 22 قيراط، وبعض القطع التراثية.
مؤخرًا في 2023 تم طرح ذهب عيار 14 في الأسواق المصرية بهدف توفير خيارات أرخص سعرًا للمقبلين على الزواج. نسبة نقاء هذا العيار حوالي 58.5% فقط، ولونه أصفر باهت مقارنة بعيار 21 نظرًا لارتفاع نسبة النحاس فيه. لكن حتى الآن لم يلقَ عيار 14 رواجًا كبيرًا بين المستهلكين في مصر، حيث يتجنب الكثيرون شراءه لاعتقادهم بأنه أقل قيمة أو لجديد عهده في الثقافة السوقية.
الأمر قد يحتاج بعض الوقت وتغيير ثقافة الشراء لتقبّله، خاصة أنه يوفر وفرًا ماليًا جيدًا. أما العيارات الأقل مثل 12 أو 9 فهي غير متداولة عمليًا في سوق الصاغة المصري الحديث، إلا في نطاق محدود جدًا أو في قطع قديمة.
خلاصة القول
يعتمد الفرق بين عيارات الذهب بشكل جوهري على نسبة الذهب الخالص في كل عيار وما يصاحب ذلك من اختلاف في اللون والصلابة والقيمة. العيار الأعلى يعني ذهبًا أنقى لكنه أقل متانة وأعلى ثمنًا، بينما العيارات الأدنى أكثر صلابة وأرخص ثمنًا بسبب زيادة المعادن المخلوطة.
عند اختيار عيار الذهب فكر في كيفية استخدامك للمجوهرات: إن كانت للاستخدام اليومي الطويل فربما يناسبك 18 أو 14 قيراط، وإن كانت للمناسبات الخاصة فعيار 21 أو 22 قيراط قد يفي بالغرض ببريقه وقيمته، أما للاستثمار فالخيار الأمثل هو 24 قيراط لضمان أعلى نقاء.
ولا تنسَ دائمًا التحقق من ختم العيار على القطعة وشراء الذهب من مصادر موثوقة لضمان جودته. بهذه المعرفة حول عيارات الذهب وفروقاتها، يمكنك الآن اتخاذ قرار مستنير يحقق توازنًا بين جمال قطعة الذهب وقيمتها المادية بما يلائم احتياجاتك.