الذهب هو عنصر كيميائي نفيس رمزه Au وعدده الذري 79، ويعتبر من أغلى المعادن على وجه الأرض. يوجد الذهب في الطبيعة بأشكال متنوعة؛ فقد يُعثَر عليه حرًّا كفلز في قيعان الأنهار وباطن الأرض وبين الصخور، أو مختلطًا بمعادن أخرى في خاماته. يتميز المعدن الأصفر ببريقه ولمعانه الجذاب، ولونه الأصفر المائل للحمرة، ونعومته وقابليته للتشكيل، مع كثافة عالية تجعله ثقيل الوزن.
الذهب أيضًا مقاوم للتآكل والتصبّغ، فهو لا يصدأ ولا يتأكسد بالهواء ولا يتفاعل مع معظم الأحماض (باستثناء الماء الملكي). لهذه الأسباب مجتمعة – إلى جانب ندرته النسبية في القشرة الأرضية – ظلَّ الذهب عبر التاريخ رمزًا للقيمة والغنى، واحتل مكانة خاصة في الحضارات والثقافات المختلفة.
ما هي خواص الذهب الفيزيائية والكيميائية؟
يتمتع الذهب بمجموعة فريدة من الخواص الفيزيائية والكيميائية التي تميزه عن غيره من المعادن. فهو فلز نبيل من مجموعة الفلزات الانتقالية، أي أنّ ذرّاته مستقرة ولا تميل للتفاعل بسهولة، مما يفسر مقاومته للتآكل وعدم تأثره بعوامل الجو.
الذهب موصل ممتاز للكهرباء والحرارة، حيث يأتي ترتيبه الثالث بعد الفضة والنحاس من حيث جودة التوصيل. هذه الخاصية، مقرونة بمقاومته للتأكسد، تجعل منه خيارًا مثاليًا للاستخدام في المكونات الإلكترونية الدقيقة دون أن يتعرض للصدأ أو انقطاع التوصيل.
ومن الخصائص الفيزيائية اللافتة أيضًا قابلية الذهب للسحب والطرق. الذهب معدن مرن جدًا، يمكن طرقه إلى رقائق غاية في الرقة (ورق الذهب) أو سحبه إلى أسلاك طويلة دون أن ينقطع. في الواقع، الأوقية الواحدة من الذهب الخالص يمكن مدّها في خيط طوله حوالي 50 ميلًا (نحو 80 كيلومترًا) دون أن ينكسر.
كذلك يمكن طرق غرامات قليلة منه لتغطية مساحة كبيرة بورق ذهبي رقيق. هذه المرونة العالية للذهب جعلته مادة مفضلة لدى الحرفيين لصياغة أدق المشغولات والزخارف عبر العصور.
الذهب أيضًا غير مغناطيسي بطبيعته؛ فلا ينجذب للمغناطيس. وهذه الخاصية تساعد في تمييزه عن بعض المعادن الأخرى وتشكل إحدى طرق اختبار الذهب البسيطة. إضافة لذلك، للذهب كثافة مرتفعة (حوالي 19.3 غم/سم³)، مما يعني أن قطعة صغيرة منه تبدو ثقيلة بشكل ملحوظ مقارنة بمعادن أخرى. أما درجة انصهار الذهب فتبلغ 1064 درجة مئوية تقريبًا، ما يتطلب حرارة عالية لصهره وتشكيله. كل هذه الخصائص الفيزيائية والكيميائية جعلت الذهب معدنًا فريدًا في استخداماته وقيمته.
مصادر وجود الذهب وتعدينه
يتواجد الذهب في الطبيعة على نطاق محدود نسبيًا مما يُضفي عليه ندرة. يُقدَّر أن متوسط تركيز الذهب في القشرة الأرضية حوالي 0.004 جزء في المليون فقط (أي 4 غرامات لكل ألف طن من الصخور).
ومع ذلك، توجد مناطق غنية بخامات الذهب تشكلت عبر العصور الجيولوجية، أشهرها رواسب إقليم ويتووترسراند في جنوب إفريقيا الذي يعد من أغنى مناطق العالم بالذهب، حيث يُنسب إليه حوالي خُمس إجمالي الذهب المتداول عالميًا. هذه الوفرة هناك أدت إلى اندلاع حُمّى البحث عن الذهب في أواخر القرن التاسع عشر وتأسيس مدينة جوهانسبرغ نتيجةً لذلك.
تختلف طرق استخراج الذهب حسب نوع الرواسب. ففي الماضي كانت العمليات تتم يدويًا أو بوسائل بدائية كالغسل في مجاري الأنهار للحصول على حبيبات الذهب (كما حدث في حمى ذهب كاليفورنيا الشهيرة). أما اليوم فيتم تعدينه من المناجم العميقة تحت الأرض أو من مناجم مكشوفة، باستخدام تقنيات حديثة لمعالجة كميات كبيرة من الصخور للحصول على بضعة غرامات من الذهب.
على الرغم من صعوبة عمليات التعدين، فإن العائد الاقتصادي المرتفع للذهب جعل شركات التعدين الكبرى تستثمر مبالغ هائلة في هذا المجال. على سبيل المثال، تعتبر شركة “باريك للذهب” من أكبر شركات تعدين الذهب في العالم.
من حيث الإنتاج العالمي، تتصدر الصين دول العالم في إنتاج الذهب حاليًا. فمنذ عام 2017 تفوقت الصين على جنوب أفريقيا وتبوأت المركز الأول. وتشير إحصاءات عام 2022 إلى أن الصين تنتج حوالي 11% من إجمالي الذهب العالمي متفوقةً بذلك على أي دولة أخرى. تليها في ترتيب الإنتاج دول مثل أستراليا وروسيا والولايات المتحدة وكندا وغيرها. أما أكبر منجم ذهب في العالم فيُعتقد أنه منجم “ويتواترسراند” بجنوب أفريقيا الذي أنتج على مدار أكثر من قرن مضى كميات هائلة تُقدر بمئات أطنان الذهب.
ورغم استمرار نشاط المناجم، يقدّر الخبراء أننا استخرجنا بالفعل معظم الذهب القابل للتعدين على سطح الأرض. حيث تشير بعض المصادر إلى أننا استخرجنا حوالي 80% من إجمالي احتياطيات الذهب القابلة للتعدين عالميًا. بلغ مجموع ما تم استخراجه حتى اليوم نحو 190 ألف طن من الذهب (إحصاء 2015 قَدّر الكمية بـ186,700 طن)، ومعظم هذه الكمية خرجت من باطن الأرض خلال القرنين الماضيين فقط.
تبقى كميات أخرى ضخمة من الذهب غير مستخرجة، لكنها موزعة في أماكن يصعب الوصول إليها. فعلى سبيل المثال، تحتوي مياه المحيطات على حوالي 20 مليون طن من الذهب المذاب في مياهها، إلا أن تركيزه بالغ الضآلة بحيث لا يكون استخراجه مجديًا اقتصاديًا.
كذلك يُوجد ذهب في الفضاء الخارجي على شكل كويكبات غنية بالمعادن؛ حتى أن أحد الكويكبات (يدعى 16 Psyche) تقدر قيمة الذهب فيهِ بمئات مليارات الدولارات. لكن حتى الآن لم ينقل البشر ذهبًا من الفضاء إلى الأرض، وكل ما فعلناه هو استخدام الذهب في مركبات فضائية دون جلبه من هناك.
استخدامات الذهب عبر التاريخ وفي العصر الحديث
للذهب تاريخ عريق مع البشرية يمتد لآلاف السنين. جذبت خصائصه الفريدة أنظار الحضارات القديمة التي استفادت منه بطرق متنوعة. استخدم القدماء المصريون الذهب في صناعة الحليّ وتزيين المعابد وصنع توابيت الملوك، وأشهر مثال هو قناع توت عنخ آمون الذهبي الذي يدل على براعة المصريين القدماء في تشكيل الذهب.
نظرًا لندرة الذهب وبريقه الذي لا يبهت، اقترن عبر التاريخ بمظاهر السلطة والثروة؛ فالتاج الملكي في كثير من الحضارات صُنع من الذهب الخالص أو المُزيَّن بالذهب. كما استُخدم المعدن الأصفر كوحدة نقد في سكِّ العملات منذ الحضارات القديمة كالإغريق والرومان وحتى العصور الحديثة قبل إلغاء قاعدة الذهب في النظام النقدي. كان الذهب معيارًا ماليًا لعصور طويلة، وامتلاك الدول لاحتياطيات كبيرة منه يعزز عملتها واقتصادها.
في العصر الحديث، لا يزال الذهب محتفظًا بجاذبيته وبريقه في العديد من المجالات. يُقدَّر أن حوالي 50% من الذهب المستخرج حديثًا يستخدم في صناعة المجوهرات والحليّ.
فالذهب هو المعدن المفضل لصائغي المجوهرات بفضل سهولة تشكيله ولمعانه الذي يدوم، بالإضافة إلى قيمته التي تجعل الحُليّ ذهبية رمزًا للمكانة الاجتماعية وادخارًا ماليًا في نفس الوقت. الكثير من الثقافات – ومنها المجتمعات العربية والهندية – تُقدّر حُليّ الذهب كزينة للمرأة وكمهر في الزواج وكملاذ آمن للادخار.
حوالي 40% من الذهب المستخرج يذهب إلى أغراض الاستثمار والاحتياط المالي. يقوم الناس بشراء السبائك والقطع النقدية الذهبية كوسيلة لحفظ الثروة والتحوط ضد تقلبات الأسواق.
البنوك المركزية أيضًا تحتفظ باحتياطيات ضخمة من الذهب لدعم قيمة عملاتها؛ على سبيل المثال تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية أكبر احتياطي رسمي من الذهب في العالم يقارب 8133 طنًا (حوالي 261 مليون أونصة)، منها 147.3 مليون أونصة مُخزّنة في مستودع فورت نوكس الشهير. هذه الاحتياطيات تعادل مئات المليارات من الدولارات وتشكل ضمانة قوية للعملة الأمريكية وللاقتصاد في الأوقات الحرجة.
أما الاستخدامات الصناعية والتقنية للذهب فتشكل نسبة أصغر (~10% من الاستهلاك العالمي) ولكنها مهمة. يدخل الذهب في تصنيع المكونات الإلكترونية المتطورة مثل شرائح الحواسيب والهواتف الذكية بسبب قدرته الفائقة على توصيل الكهرباء دون صدأ.
كذلك يُستخدم في الطيران والفضاء لطلاء الأجزاء الحساسة في الأقمار الصناعية ومركبات الفضاء بطبقات رقيقة من الذهب تعكس الأشعة تحت الحمراء الضارة وتحمي المعدات من الحرارة والإشعاع. حتى بزّات روّاد الفضاء تحتوي على طبقة خفيفة من الذهب على خوذاتهم لتعمل كعاكس للإشعاع الشمسي.
للذهب أيضًا دور في الطب والصحة. تاريخيًا، اعتقد القدماء بخصائص علاجية للذهب؛ ففي مصر القديمة مثلاً استُخدم الذهب في وصفات لعلاج بعض الأمراض ولتطهير الجروح. في العصر الحديث، يوجد استخدام محدود لمركّبات الذهب في الطب، مثل استخدام حقن محلول مكون من الذهب لعلاج بعض حالات التهاب المفاصل الروماتويدي التي لا تستجيب للعلاجات الأخرى.
كما تُستخدم نظائر مشعة من الذهب في بعض العلاجات الإشعاعية لمرضى السرطان. وإضافة لذلك يدخل الذهب في صنع حشوات الأسنان والتيجان السنية في طب الأسنان نظرًا لملاءمته الحيوية ومقاومته للتآكل.
أنواع الذهب وعياراته
لا يُستخدم الذهب الخالص (عيار 24 قيراط) عادةً في صناعة الحُليّ بسبب نعومته الشديدة وقابليته للخدش والانحناء بسهولة. لهذا يتم خلط الذهب بمعادن أخرى لتكوين سبائك أكثر صلابة تتحمل الاستعمال اليومي. يقاس نقاء الذهب بـ العيار (القيراط): فالذهب عيار 24 قيراط يعني ذهبًا نقيًا بنسبة 99.9%، بينما العيار 22 قيراط مثلًا يعني أن 22 جزءًا من 24 من السبيكة ذهب (أي حوالي 91.7% ذهب والباقي معادن مخلوطة).
أكثر عيارات الذهب شيوعًا في المجوهرات هي عيار 21 (نسبة ذهب حوالي 87.5%) و عيار 18 (75% ذهب والباقي معادن أخرى) لأنها تحقق توازنًا بين نسبة الذهب وصلابة السبيكة. وكلما قل العيار ازدادت صلابة السبيكة لكن قلّت قيمتها المادية لانخفاض نسبة الذهب.
عند خلط الذهب بمعادن مختلفة، لا تتغير فقط صلابة السبيكة بل يتغير لون الذهب أيضًا. فالذهب النقي لونه أصفر مشرق. الذهب الأصفر التقليدي قد يميل للحمرة إذا خُلط بنسبة من النحاس، أما الذهب الوردي (Pink Gold) فلونه وردي دافئ ناتج عن مزج الذهب النقي بنسبة عالية من النحاس. في المقابل، الذهب الأبيض هو ذهب مخلوط مع معادن بيضاء مثل النيكل أو البلاديوم، مما يكسب السبيكة لونًا مائلًا للفضي.
غالبًا يتم طلاء الذهب الأبيض بطبقة من الروديوم لإعطائه لمعانًا وبريقًا إضافيًا. هناك أيضًا سبيكة تُعرف باسم الذهب الأخضر تنتج عن خلط الذهب بالفضة وأحيانًا بلمسات من الزنك أو الكادميوم لتعطي لونًا مائلًا للخضرة. هذا التنوع في ألوان سبائك الذهب يتيح للمجوهرات تصاميم مبتكرة تناسب مختلف الأذواق مع حفاظها على نسبة من القيمة الذهبية.
ومن المهم للمشتري التفريق بين الذهب الخالص والمطلي. إذ تنتشر في الأسواق مجوهرات مطلية بالذهب يكون أساسها معدن رخيص مطلي بطبقة رقيقة جدًا من الذهب. هذه القطع سعرها أرخص بكثير ولا تُعد ذهبًا حقيقيًا بمعنى الاستثمار؛ لأن الطبقة الذهبية سرعان ما تتآكل ويظهر المعدن الأساس تحتها. لذا ينبغي الانتباه وعدم الخلط بينها وبين الذهب الحقيقي ذو العيار المعروف.
كذلك هناك مسمى شائع هو “الذهب الروسي” يُطلق على نوع من الإكسسوارات المعدنية المطلية التي تشبه الذهب في الشكل، لكنها في الواقع ليست ذهبًا على الإطلاق. بشكل عام، عند شراء الذهب يجب التأكد من ختم العيار على القطعة والحصول على فاتورة تثبت نوع العيار ووزن الذهب لضمان حصولك على ذهب حقيقي.
حقائق ممتعة ومعلومات غريبة عن الذهب
إلى جانب المعلومات الأساسية حول الذهب، هناك العديد من الحقائق المدهشة والطرائف المرتبطة بهذا المعدن النفيس نذكر بعضًا منها:
- الذهب شديد القابلية للطرق والسحب: كما ذكرنا، الذهب هو أكثر المعادن قابلية للطرق؛ فبوسع غرام واحد فقط أن يُطرَق ليُصبح ورقة مساحتها متر مربع. وتمتد خيوط الذهب لدرجة مذهلة، حيث يمكن مد خيط رفيع من أوقية واحدة لمسافة 50 ميلًا تقريبًا دون أن ينقطع. ولو جمعنا كل الذهب المستخرج في العالم ومددناه في خيط واحد، لدارت خيوطه حول الكرة الأرضية ملايين المرات لطولها الفائق.
- لا تعض قطعة الذهب للتحقق من نقائها: ترتبط في الأذهان صورة الرياضيين الأولمبيين وهم يعضّون ميدالياتهم الذهبية. لكن في الحقيقة قضم الذهب وترك علامة الأسنان عليه ليس دليلًا أكيدًا على الجودة أو النقاوة، فمعظم الميداليات “الذهبية” الحديثة (منذ 1912) ليست ذهبًا خالصًا وإنما مطلية بالذهب فقط. على سبيل المثال، ميداليات أولمبياد ريو 2016 كانت تحتوي على 1.2% فقط من الذهب والباقي من الفضة. لذلك قد تنطلي الخدعة على من يعض الذهب المطلي الناعم فيظن أنه ذهب خالص!
- الذهب لا يصدأ أبدًا: من أكثر حقائق الذهب المذهلة أنه معدن لا يصدأ بمرور الزمن. القطع الذهبية القديمة تحتفظ ببريقها عبر آلاف السنين لأن الذهب لا يتفاعل مع الأكسجين أو الماء. تم استخراج قطع ذهبية من آثار تعود لقرون غابرة وجدها علماء الآثار كما هي دون تآكل. هذه المقاومة الفريدة للتلف هي ما جعلت الذهب مثاليًا لصناعة العملات والحلي عبر العصور دون أن يفقد جماله.
- يمكن أكل الذهب!: قد يبدو الأمر غريبًا، لكن الذهب معدن خامل كيميائيًا ويمكن تناوله بكميات ضئيلة دون ضرر. في بعض المطابخ الفاخرة، تُستخدم رقائق الذهب القابل للأكل لتزيين أطباق الحلويات والمشروبات الفاخرة بهدف إضفاء مظهر من الفخامة. بالطبع الذهب لا طعم له ولا قيمة غذائية، إنما هو للزينة فقط. ورغم ثمنه الباهظ، يلجأ بعض الطهاة في المطاعم الفاخرة لإضافة رقائق ذهبية على الكعك أو القهوة لإبهار الزبائن وإظهار الترف.
- ذهب الحمقى: هناك معدن شائع يشبه الذهب في لونه وبريقه يعرف باسم البيريت ويُسمى ذهب المغفّلين. كثيرون عبر التاريخ خدعهم البيريت فظنوه ذهبًا لشدة التشابه. حتى كريستوفر نيوبورت (وهو بحّار إنجليزي في القرن 17) حمل كميات من البيريت إلى لندن معتقدًا أنها ذهب حقيقي! الفارق أن البيريت أرخص ولا يملك خواص الذهب. المثير للاهتمام أن البيريت غالبًا ما يتواجد في نفس المناطق التي يتواجد فيها الذهب الحقيقي، لذا المنقب الذي يجد بيريت قد يكون الذهب الحقيقي قريبًا منه وليس من الحكمة التوقف عند هذا الحد.
- احتياطي الذهب الأمريكي الضخم: تمتلك وزارة الخزانة الأمريكية حاليًا حوالي 147.3 مليون أونصة من سبائك الذهب كاحتياطي، يخزن نصفها تقريبًا في القلعة المحصنة فورت نوكس بولاية كنتاكي. يُقدَّر قيمة هذا الذهب بأكثر من 130 مليار دولار أمريكي. والمثير أن الدخول إلى مستودعات فورت نوكس أمر شديد الصعوبة ولم يُسمح لأي رئيس أمريكي بدخولها سوى مرة وحيدة عندما زارها الرئيس فرانكلين روزفلت خلال ولايته.
- الصين أكبر منتج للذهب حاليًا: لم تعد جنوب إفريقيا تحتل المركز الأول في إنتاج الذهب كما كان الحال تاريخيًا. فمنذ عام 2017 أصبحت الصين المنتج الأكبر للذهب في العالم متجاوزةً جنوب أفريقيا في حجم الإنتاج. تنتج الصين مئات الأطنان سنويًا (حوالي 450 طن في 2015 مثلًا)، وتحتل الصدارة عالميًا تليها دول أخرى مثل أستراليا وروسيا وأمريكا. هذا التحول يبيّن تغير خريطة إنتاج الذهب مع استنزاف المناجم القديمة واكتشاف أخرى جديدة.
- الذهب حتى في مياه الصرف!: قد يُدهشك أن مياه الصرف الصحي تحتوي آثارًا من الذهب أيضًا. في دراسة أجرتها جامعة ولاية أريزونا عام 2015، وُجد أن حمأة المجاري الناتجة عن مدينة عدد سكانها مليون نسمة يمكن أن تحتوي في السنة الواحدة ما قيمته 2.6 مليون دولار من الذهب والفضة بعد معالجتها. مصدر هذه المعادن微 المجوهرات المفقودة أو الإلكترونيات المهملة التي ينتهي بها الأمر في شبكات الصرف. بالطبع لا يعني ذلك أن معالجة مياه الصرف أصبحت مربحة لاستخراج الذهب، فهذه عمليات معقدة ومكلفة، لكنها تسلط الضوء على مدى انتشار الذهب حولنا حتى في المخلفات.
- أكبر قطعة ذهب طبيعية تم العثور عليها: عبر تاريخ التنقيب، وُجدت قطع ذهب طبيعية ضخمة أثارت الدهشة. أكبر كتلة ذهب خام عثر عليها الإنسان سُجِّلت في أستراليا عام 1869، وكان وزنها حوالي 2284 أونصة (أي قرابة 71 كجم)! أطلق على تلك القطعة اسم “الوافد السعيد” (Welcome Stranger) وظلت الأكبر من نوعها. هذه القطعة صُهرت فيما بعد، ويوجد اليوم نسخ متماثلة منها في المتاحف. أما أكبر سبيكة ذهب مصنّعة في العالم فتمتلكها اليابان؛ إذ صنعت شركة ميتسوبيشي عام 2005 سبيكة ذهب وزنها 250 كجم من عيار 99.99% معروضة في متحف توي للذهب ويمكن للزوار لمسها.
خاتمة
الذهب معدن فريد يمتزج فيه الجانب المادي بالقيمة الرمزية عبر مختلف العصور. فهو معدن يتمتع بخصائص فيزيائية مذهلة جعلته مفيدًا للصناعة والعلوم، وفي الوقت نفسه يحمل جمالًا وبريقًا جعلاه معشوقًا في الزينة والحُليّ. لعب الذهب أدوارًا مفصلية في تاريخ البشرية؛ فقد كان قاعدة للنظم النقدية، وسببًا للحروب والاكتشافات، وعنوانًا للثراء والسلطة.
واليوم يظل الذهب ملاذًا آمنًا للمستثمرين وثروةً تحتفظ ببريقها، كما يظل رمزًا خالدًا للجمال والثروة. من يعرف تاريخ الذهب وخصائصه يدرك سر تعلق الإنسان به عبر الزمن. فسواء نظرت إليه كمعدن نفيس أو كاستثمار أو كتراث حضاري، فإن الذهب سيبقى ذلك المعدن الأصفر الساحر الذي لا يكف عن إدهاشنا بقيمته وخصاله الفريدة.